سورة المائدة - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


قوله تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} فيها خمسة أقاويل:
أحدها: أنها عهود الله، التي أخذ بها الإِيمان، على عباده فيما أحله لهم، وحرمه عليهم، وهذا قول ابن عباس.
والثاني: أنها العهود التي أخذها الله تعالى على أهل الكتاب أن يعملوا بما في التوراة، والإِنجيل من تصديق محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا قول ابن جريج.
والثالث: أنها عهود الجاهلية وهي الحلف الذي كان بينهم، وهذا قول قتادة.
الرابع: عهود الدين كلها، وهذا قول الحسن.
والخامس: أنها العقود التى يتعاقدها الناس بينهم من بيع، أو نكاح، أو يعقدها المرء على نفسه من نذر، أو يمين، وهذا قول ابن زيد.
{أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} فيها ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنها الأنعام كلها، وهي الإِبل، والبقر، الغنم، وهذا قول قتادة، والسدي.
والثاني: أنها أجنة الأنعام التى توجد ميتة فى بطون أمهاتها، إذا نحرت أو ذبحت، وهذا قول ابن عباس، وابن عمر.
والثالث: أن بهيمة الأنعام وحشيها كالظباء وبقر الوحش، ولا يدخل فيها الحافر، لأنه مأخوذ من نعمة الوطء.
قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللَّهِ} أى معالم الله، مأخوذ من الإِشعار وهو الإِعلام.
وفي شعائر الله خمسة تأويلات:
أحدها: أنها مناسك الحج، وهو قول ابن عباس، ومجاهد.
والثاني: أنها ما حرمه الله فى حال الإحرام، وهو مروي عن ابن عباس أيضاً.
والثالث: أنها حرم الله، وهو قول السدي.
والرابع: أنها حدود الله فيما أحل وحرَّم وأباح وحظَّر، وهو قول عطاء.
والخامس: هي دين الله كله، وهو قول الحسن، كقوله تعالى: {ذّلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَآئِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 22] أى دين الله.
{وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ} أي لا تستحلوا القتال فيه، وفيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه رَجَبُ مُضَر.
والثاني: أنه ذو العقدة، وهو قول عكرمة.
والثالث: أنها الأشهر الحرم، وهو قول قتادة.
{وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلاَئِدَ} أما الهدي ففيه قولان:
أحدهما: أنه كل ما أهداه من شيء إلى بيت الله تعالى.
والثاني: أنه ما لم يقلّد من النعم، وقد جعل على نفسه، أن يُهديه ويقلده، وهو قول ابن عباس.
فأما القلائد ففيها ثلاثة أقاويل:
أنها قلائد الهدْي، وهو قول ابن عباس، وكان يرى أنه إذا قلد هديه صار مُحرِماً.
والثاني: أنها قلائد من لحاء الشجر، كان المشركون إذا أرادوا الحج قلدوها فى ذهابهم إلى مكة، وعَوْدهم ليأمنوا، وهذا قول قتادة.
والثالث: أن المشركين كانوا يأخذون لحاء الشجر من الحرم إذا أرادوا الخروج منه، فيتقلدونه ليأمنوا، فَنُهوا أن ينزعوا شجر الحرم فيتقلدوه، وهذا قول عطاء.
{وَلاَ ءَامِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ} يعنى ولا تحلوا قاصدين البيت الحرام، يقال أممت كذا إذا قصدته، وبعضهم يقول يممته، كقول الشاعر:
إني لذاك إذا ما ساءني بلد *** يممت صدر بعيري غيره بلداً
{يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً} فيه قولان:
أحدهما: الربح فى التجارة، وهو قول ابن عمر.
والثاني: الأجر، وهو قول مجاهد {وَرِضْوَاناً} يعني رضي الله عنهم بنسكهم.
{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} وهذا وإن خرج مخرج الأمر، فهو بعد حظر، فاقتضى إباحة الاصطياد بعد الإِحلال دون الوجوب.
{وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَان قَوْمٍ} في يجرمنكم تأويلان.
أحدهما: لا يحملنكم، وهو قول ابن عباس، والكسائي، وأبي العباس المبرد يقال: جرمني فلان على بغضك، أى حملني، قال الشاعر:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة *** جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
والثاني: معناه ولا يكسبنكم، يقال جرمت على أهلي، أي كسبت لهم، وهذا قول الفراء.
وفي {شَنَئَانُ قَوُمٍ} تأويلان:
أحدهما: معناه بغض قوم، وهذا قول ابن عباس.
والثاني: عداوة قوم، وهو قول قتادة.
وقال السدي: نزلت هذه الآية فى الحُطَم بن هند البكري أَتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إِلاَمَ تَدعو؟ فأخبره، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: «يَدْخُلُ اليَوْمَ عَلَيكُم رَجُلٌ مِن رَّبِيعةَ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِ شَيْطَانٍ» فلما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنظرني حتى أشاور، فخرج من عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ دَخَلَ بِوَجْهِ كَافِرٍ، وَخَرجَ بِقَفَا غَادِرٍ» فمر بسرح من سرح المدينة، فاستقاه وانطلق وهو يرتجز ويقول:
لقد لفها الليل بسواق حطم *** ليس براعي إبل ولا غنم
ولا بجزار على ظهر وضم *** باتوا نياماً وابن هند لم ينم
بات يقاسيها غلام كالزلم *** خدلج الساقين ممسوح القدم
ثم أقبل من عام قابل حاجاً قد قلد الهدي، فاستأذن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتلوه، فنزلت هذه الآية حتى بلغ {ءَآمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} فقال له ناس من أصحابه: يا رسول الله خلّ بيننا وبينه، فإنه صاحبنا، فقال: «إنه قد قلد».
ثم اختلفوا فيما نسخ من هذه الآية بعد إجماعهم على أن منها منسوخاً على ثلاثة أقاويل:
أحدهما: ان جميعها منسوخ، وهذا قول الشعبي، قال: لم ينسخ من المائدة إلا هذه الآية.
والثاني: أن الذى نسخ منها {وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ ءَآمِّينَ الْبَيتَ الْحَرَامَ} وهذا قول ابن عباس، وقتادة.
والثالث: أن الذي نسخ منها ما كانت الجاهلية تتقلده من لحاء الشجر، وهذا قول مجاهد.


قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ} فيها تأويلان.
أحدهما: أنه كل ما له نفس سائلة من دواب البر وطيره.
والثاني، أنه كل ما فارقته الحياة من دواب البر وطيره بغير ذكاة.
{وَالدَّمُ} فيه قولان:
أحدهما: أن الحرام منه ما كان مسفوحاً كقوله تعالى: {أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} الثاني: أنه كل دم مسفوح وغير مسفوح، إلا ما خصته اسنة من الكبد والطحال، فعلى القول الأول لا يحرم السمك، وعلى الثاني يحرم.
{وَلَحْمُ الْخِنزيرِ} فيه قولان:
أحدهما: أن التحريم يختص بلحم الخنزير دون شحمه، وهذا قول داود.
والثاني: أنه يعم اللحم وما خالطه من شحم وغيره، وهو قول الجمهور، ولا فرق بين الأهلي منه والوحشي.
{وَمآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} يعني ما ذبح ليغر الله من الأصنام والأوثان، أصله من استهلال الصبي إذا صاح حين يسقط من بطن أمه، ومنه أهلال المُحْرِم بالحج والعمرة، قال ابن أحمر:
يهل بالفرقد ركبانها *** كما يهل الراكب المعتمر
{وَالْمُنْخَنِقَةُ} فيها قولان:
أحدهما: أنها تخنق بحبل الصائد وغيره حتى تموت، وهو قول السدي، والضحاك.
والثاني: أنها التي توثق، فيقتلها خناقها.
{وَالْمَوقُوذَةُ} هي التي تضرب بالخشب حتى تموت، يقال: (وقذتها أقذها وقذاً، وأوقذها أيقاذاً، إذا أثخنتها ضرباً)، ومنه قول الفرزدق:
شغارة تقذ الفصيل برجلها *** فطَّارة لقوادم الأبكار
{وَالْمُتَردِيَةُ} هي التي تسقط من رأس جبل، أو بئر حتى تموت.
{وَالنَّطِيحَةُ} هي الشاة التي تنطحها أخرى حتى تموت.
{وَمآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} فيه قولان:
أحدهما: يعنى من المنخنقة وما بعدها، وهو قول علي رضي الله عنه، وابن عباس، وقتادة، والحسن، والجمهور.
والثاني: أنه عائد إلى ما أكل السبع خاصة، وهو محكي عن الظاهرية. وفى مأكولة السبع التي تحل بالذكاة قولان:
أحدهما: أن تكون لها عين تطرف أو ذنب يتحرك.
والثاني: أن تكون فيها حركة قوية لا كحركة المذبوح، وهو قول الشافعي، ومالك.
{وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ} معناه أن تطلبوا علم ما قُسِّمَ أو لم يُقَسَّم من رزق أو حاجة بالأزلام، وهي قداح ثلاثة مكتوبة على أحدها: أمرني ربي، والآخر: نهاني ربي، والثالث: غفل لا شيء عليه، فكانوا إذا أرادوا سفراً، أو غزواً، ضربوا بها واستسقسموا، فإن خرج أمرني ربي فعلوه، وإن خرج نهاني ربي تركوه، وإن خرج الأبيض أعادوه، فنهى الله عنه، فَسُمِّي ذلك استقساماً، لأنهم طلبوا به علم ما قُسِمَ لهم.
وقال أبو العباس المبرد: بل هو مشتق من قَسَم اليمين، لأنهم التزموا ما يلتزمونه، باليمين.
{ذَالِكُمْ فِسْقٌ} أى خروج عن أمر الله وطاعته، وفعل ما تقدم نهيه عنه،
{الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ} فيه قولان:
أحدهما: أن ترتدوا عنه راجعين إلى دينهم.
والثاني: أن يقدروا على إبطاله ويقدحوا فى صحته.
قال مجاهد: كان ذلك يوم عرفة حين حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، بعد دخول العرب الإِسلام حتى لم ير النبي صلى الله عليه وسلم مشركاً.
{فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} أى لا تخشوهم أن يظهروا عليكم، واخشونِ، أن تخالفوا أمري.
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فيه قولان:
أحدهما: أنه يوم عرفة فى حجة الوداع ولم يعش الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إلاَّ إحدى وثمانين ليلة، وهذا قول ابن عباس: والسدي.
والثاني: أنه زمان النبي صلى الله عليه وسلم كله إلى أنْ نَزَل ذلك عليه يوم عرفة، وهذا قول الحسن.
وفي إكمال الدين قولان:
أحدهما: يعني أكملت فرائضي وحدودي وحلالي وحرامي، ولم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم من الفرائض من تحليل ولا تحريم، وهذا قول ابن عباس والسدي.
والثاني: يعني اليوم أكملت لكم حجتكم، أن تحجوا البيت الحرام، ولا يحج معكم مشرك، وهذا قول قتادة، وسعيد ابن جبير.
{وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} بإكمال دينكم.
{وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} أي رضيت لكم الاستسلام لأمري ديناً، اي طاعة.
روى قبيصة قال: قال كعب لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية، لعظموا اليوم، الذى أُنْزِلت فيه عليهم، فاتخذوه عيداً يجتمعون فيه، فقال عمر: قد علمت اليوم الذى أُنزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما- بحمد الله- لنا عيد.
{فَمَنِ آضْطُرَّ} أي أصابه ضر الجوع.
{فِي مَخْمَصَةٍ} أي في مجاعة، وهي مَفْعَلة مثل مجهلة ومبخلة ومجبنة ومخزية من خمص البطن، وهو اصطباره من الجوع، قال الأعشى:
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم *** وجاراتكم غرقى يبتن خماصا
{غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثمٍ} فيه قولان:
أحدهما: غير متعمد لإِثم، وهذا قول ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد.
والثاني: غير مائل إلى إثم، وأصله من جنف القوم إذا مالوا، وكل أعوج عند العرب أجنف.
وقد روى الأوزاعي عن حسان عن عطية عن أبي واقد الليثي قال: قلنا يا رسول الله إنا بأرض يصيبنا فيها مخمصة، فما يصلح لنا من الميتة؟ قال: «إِذَا لَمْ تَصْطَبِحُوا أَوْ تَغْتَبِقُوا أَوْ تَجْنِفُوا بها، فَشَأْنُكُم بِّهَا» واختلف فى وقت نزول هذه السورة على ثلاثة أقاويل.
أحدها: أنها نزلت في يوم عرفة، روى شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت: نزلت سورة المائدة جميعاً وأنا آخذة بزمان ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء وهو واقف بعرفة فكادت من ثقلها أن تدق عضد الناقة.
والثاني: أنها نزلت فى مسيره صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وهو راكب، فبركت به راحلته من ثقلها.
والثالث: أنها نزلت يوم الاثنين بالمدينة، وهو قول ابن عباس، وقد حُكِيَ عنه القول الأول.


قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} يعني بالطيبات الحلال، وإنما سمي الحلال طيباً، وإن لم يكن مستلذاً تشبيهاً بما يستلذ. {وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} يعني وصيد ما علمتم من الجوارح، وهي الكواسب من سباع البهائم والطير، سميت جوارح لكسب أهلها بها من قولهم: فلان جارحة أهله أي كاسبهم، ومنه قول أعشى بني ثعلبة:
ذا جبار منضجاً ميسمه *** يذكر الجارح ما كان اجترح
أي ما اكتسب.
وفي قوله: {مُكَلِّبِينَ} ثلاثة أقاويل.
أحدها: يعني من الكلاب دون غيرها، وأنه لا يحل إلا صيد الكلاب وحدها، وهذا قول ابن عمر، والضحاك، والسدي.
والثاني: أن التكليب من صفات الجوارح من كلب وغيره، ومعناه مُضْرِين على الصيد كما تَضْرِي الكلاب، وهو قول ابن عباس، وعلي بن الحسين، والحسن، ومجاهد.
والثالث: أن معنى التكليب من صفات الجارح: التعليم.
{تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا علَّمَكُمُ اللَّهُ} أى تعلمونهن من طلب الصيد لكم مما علمكم الله من التأديب الذي أدبكم وصفات التعليم التي بيَّن حكمها لكم.
فأما صفة التعليم، فهو أن يُشلَى إذا أُشلي، ويجيب إذا دعي ويمسك إذا أخذ.
وهل يكون إمساكه عن الأكل شرطاً فى صحة التعليم أم لا؟ على ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه شرط في كل الجوارح، فإن أكلت لم تؤكل، وهذا قول ابن عباس، وعطاء.
والثاني: أنه ليس بشرط فى كل الجوارح ويؤكل وإن أكلت، وهذا قول ابن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة، وسلمان.
والثالث: أنه شرط في جوارح البهائم فلا يؤكل ما أكلت، وليس بشرط في جوارح الطير، فيؤكل وإن أكلت، وهذا قول الشعبي، والنخعي، والسدي.
واختلف فى سبب نزول هذه الآية على قولين:
أحدهما: ما روى القعقاع بن حكيم عن سليمان بن أبي رافع عن أبي رافع قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستأذن عليه، فقال إذِنَّا لك، فقال أجل ولكنا لا ندخل بيتاً فيه كلب، قال أبو رافع: فأمرني أن أقتل كل كلب بالمدينة فقتلت حتى انتهيت إلى امرأة عندها كلب ينبح عليها فتركته رحمة لها ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأمرني بقتله، فرجعت إلى الكلب فقتلته، فجاؤوا، فقالوا: يا رسول الله ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها، قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ} الآية.
والثاني: ما حكي أن زيد الخيل لَمَّا وفد على النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه من الخير ما قال فسماه زيد الخير، فقال: يا رسول الله فينا رجلان، يقال لأحدهما دريح، والآخر يكنى أبا دجانة، لهما أَكْلُب خمسة تصيد الظباء، فما ترى في صيدها؟
وحكى هشام عن ابن عباس أن أسماء هذه الكلاب الخمسة التي لدريح وأبي دجانة: المختلس وغلاب والغنيم وسهلب والمتعاطي، قال: فأنزل الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ} الآية.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8